هل تعرف أبو هريرة ... هل تحبه .......؟؟؟

هل تعرف أبوهريرة؟ نعم أعرفه.. هل تحبه؟ ومن لا يحبه.. إنه من كبار رواة الحديث عن الرسول صلي الله عليه وسلم.. كما أنه صحابي جليل.. يمكن أن يدور مثل هذا الحوار القصير والسريع بيني وبين أي أخ مسلم عابر.. تلقي إسلامه من الكتب المدرسية ومن مواعظ شيوخ المساجد ومن برامج التليفزيون الدينية الهزيلة.. لكن الذين تعرضوا.. أو عرضوا أنفسهم علي الباحثين الجادين في التاريخ الإسلامي يعرفون أن أبوهريرة لم يكن من كبار رواة الحديث.. لكنه كان من كبار واضعيها.. وأنه إذا كان صحابياً نزولاً علي التعريف اللفظي للكلمة بأن الصحابي كل من صحب الرسول أو جلس إليه أو استمع منه، فإنه لم يكن جليلاً.. بل كان رجلاً ذليلاً قبل أن يدخل الإسلام.. وبعد أن دخله

عندما أزحت الستار عن حقيقة الإمام البخاري وما جاء في كتابه الذي يسمي الصحيح بما فيه من أحاديث كاذبة وموضوعة ومنسوبة زوراً وبهتاناً للرسول صلي الله عليه وسلم وجدت صدي هائلاً لدي الكثيرين ممن يشغلهم الأمر، كان من بينهم الكاتب الصديق أيمن عبدالرسول صاحب الكتاب المهم «في نقد الإسلام الوضعي».. «أرسل لي أيمن كتاباً يكاد يكون مجهولاً لا يعرفه الكثيرون عن «شيخ المضيرة» أبي هريرة.. كتبه محمود أبورية.. حاول أن يكشف فيه التاريخ الحقيقي لأبي هريرة، لم يستعن فيه بروايات آخرين.. لكنه أخذ من كلام أبي هريرة نفسه وما قاله في حياته ليقول لنا من هو هذا الرجل الذي ظللنا لقرون طويلة نقدسه ونجله وننظر إليه علي أنه من الحراس الأمناء لأحاديث الرسول

اننا نقدس الصحابة الكبار ونضعهم في المكانة اللائقة بهم بسبب سبقهم إلي الإسلام وتقديم لتضحيات جليلة من مالهم وحياتهم من أجل رفعة الإسلام.. لكن ماذا سنفعل إذا عرفنا أن أبا هريرة لم يشارك في غزوة أو سرية.. لم يحمل سيفاً كي يحارب به أو يدفع عن الإسلام شراً، رجل قضي كل حياته يخدم من حوله مقابل ملء بطنه.. لم يتعفف ولم يحفظ كرامته.. فكيف لنا الآن نحفظ كرامته ونصر علي أن نقدسه ونمنحه ما ليس من حقه.. هل تريدون أن تعرفوا القصة الكاملة لهذا الرجل الذي فرض علينا وأصبح اسمه مسبوقاً بحكم القضاء والقدر بكلمة سيدنا.. أنا مستعد.. فهل أنتم مستعدون

جاء أبوهريرة إلي النبي بعد فتح خيبر ويقول هو عن ذلك «أتيت رسول الله وهو بخيبر بعدما افتتحها فقلت يا رسول الله أسهم لي ـ أي أشركني في الغنائم ـ والسؤال لماذا تأخر قدوم أبي هريرة إلي الرسول عشرين سنة كاملة من بدء البعثة إلي موقعة خيبر التي كانت سنة 7 من الهجرة علي أن بلاده كانت قريبة من الحجاز وقد سمع بالرسول وما جاء به؟.. لقد كان أبوهريرة فقيراً معدماً يخدم الناس بطعام بطنه وكان يجب عندما ينتهي إلي سمعه أن نبياً ظهر بمكة بدين يدعو إلي مساعدة البائسين وسد عوز المحتاجين فإنه يسعي إليه ليكون إلي جواره.. لكنه لم يفعل لأنه سمع إلي جوار ذلك أن الناس يحاربون هذا النبي وأصحابه وأن النضال المسلح متصل بينهم وبينه لا ينقطع.. وهو بطبعه الانتهازي يريد الأمر سهلاً لأنه ليس من أبطال الحروب ولا عهد له بميادين القتال ولم يخلق إلا ليخدم ويطعم من أجر خدمته للآخرين

انتظر أبوهريرة وصبر علي مضض وظل يرتقب حتي سكنت الحرب بين النبي وخصومه، ورأي أن الغلبة أصبحت للرسول مثل الذين كانوا يقولون «دعوه وقومه فإن غلبهم دخلنا دينه وإن غلبوه كفونا شره».. وعندما تحقق للرسول ذلك ركب رجليه وأخذ طريقه إليه ليخدم علي ملء بطنه ويملأ يده من مغانمه ويسكن المأوي الذي أعده للفقراء من اتباعه وكان ذلك في شهر صفر سنة 7 هجرية وكان له ما أراد عندما اتصل بالرسول فقد حقق له كل ما يبتغيه فاطعمه النبي ومن معه بالعطاء من غنائم خيبر وهو لم يشهدها واسكنه المأوي الذي أعده للفقراء وهو الصُفة

لم يكن لأبي هريرة اسم معروف لا في الجاهلية ولا في الإسلام، فلا يعرف علي التحقيق اسمه الذي سماه به أهله ليدعي بين الناس به يقول عنه ابن عبدالبر في كتابه الاستيعاب «واختلفوا في اسم أبي هريرة واسم أبيه اختلافاً كبيراً لا يحاط به ولا يضبط في الجاهلية والإسلام ومثل هذا الاختلاف والاضطراب لا يصح معه شيء يعتمد عليه وقد غلبت عليه كنيته»، وقد بين هو سببها فقال: كنت أرعي غنم أهلي وكانت لي هرة صغيرة فكنت أضعها بالليل في شجرة وإذا كان النهار ذهبت بها فكنوني أبا هريرة ولا ضرر من تصديق ما قاله ويبدو أن هذه الهرة ظلت تلازمه وهو بالمدينة فقد رآه النبي وهو يحملها في كمه

ولما اتصل أبوهريرة بمعاوية وأصبح من دعاته وأقبل علي أطعمته الفاخرة يلتهمها وبخاصة المضيرة التي كانت من أطايب أطعمة العرب الثلاثة المشهورة والتي كان أبوهريرة نهماً فيها فأطلقوا عليه اسم شيخ المضيرة واشتهر بذلك في جميع الأزمان حتي جعلها العلماء والأدباء مما يتندرون به عليه في أحاديثهم الخاصة وكتبهم العامة علي مدي التاريخ

لم يعرف عن حياة أبي هريرة شيء له قيمة.. وكان ما عرف عن أصله أنه من عشيرة سليم بن فهد من قبيلة أزد من دوس إحدي قبائل العرب الجنوبية، أما نشأته فلم يعرف عنها شيء وكذلك لم يعرف الناس عن حياته في بلاده اليمن في مدي السنين التي قضاها قبل إسلامه غير ما قاله عن نفسه من أنه كان يرعي الغنم وكان فقيراً معدماً يخدم الناس بملء بطنه وقد ذكر هو أنه كان أجيراً لابن نعان وابنه غزوان بطعام بطنه، ولقد كان أبوهريرة أمياً لا يقرأ ولا يكتب وظل علي أميته طوال حياته

وإذا أردنا أن نتعرف علي مفتاح شخصية أبوهريرة فلابد أن نعود مرة ثانية إلي يوم خيبر عندما قدم علي النبي وكان عمره وقتها فوق الثلاثين بقليل، لما رأي أبوهريرة كثرة الغنائم طلب من رسول الله أن يسهم له، ثم تدخل فيما لا يعنيه فطلب من النبي أن يسهم لأبان بن سعيد بن العاص الذي كان ممن خاضوا المعركة، فانبري له أبان بن سعيد وأغلظ له في القول وأهانه.. لأنه لم يشارك في الغزوة فكيف تطمع نفسه في أن يشارك في المغانم

أراد أبان أن يحقر أبا هريرة وأنه ليس في قدر يشير بعطاء ولا منع لأنه قليل القدرة علي القتال، ولو كان لأبي هريرة نفس يعرف قدرها أو كرامة يحافظ عليها لأبي أن تمتد يده إلي ما ليس من حقه أو يرنو بعينيه إلي مغانم حرب لم يشهدها ولما تعرض لهذا الإزدراء والتحقير وخاصة أنه في أول يوم يلقي النبي وأصحابه وكان عليه أن يظهر أنه ذو نفس أبية وخلق كريم.. وقد يكون الرسول بهذا الموقف أسقط أبا هريرة من عينيه فلم يقم له من يومها وزناً ووضعه بين أصحابه في المكان الذي يليق به.. والدليل علي ذلك أن الرسول لم يؤاخذ أبان بعد أن أغلظ لأبي هريرة في القول علي حين أنه كان يغضب غضباً شديداً عندما ينال أحد أصحابه إهانة من صحابي آخر.. لكن النبي لم يقل شيئاً لأبان واكتفي بأن قال له: إجلس يا أبان ولم يسهم لأبي هريرة وتركه يغدو محسوراً وكأنه بذلك أقر أبان علي ما فعل بأبي هريرة الذي كان في هذا اليوم ضيفاً، والضيف له حرمة يستحق التكريم من أجلها ولو بكلمة طيبة ولكنه لم يظفر من النبي بها وحقت عليه المهانة أمام الصحابة جميعا من أول يوم جاء فيه إلي النبي لأنه لا يستحق التكريم ولو كان من الأضياف الطارئين

وعندما عاد أبوهريرة إلي المدينة كان الظن أن يأخذ سبيلاً لرزقه بالتجارة في الأسواق أو الزرع في الأرض كما كان يفعل غيره من الصحابة.. لكنه اختار أن يعيش علي ما تجود به نفوس المحسنين من صدقاتهم عليه، اختار أبوهريرة ببساطة أن يسأل الناس فهذا يعطيه وهذا يمنعه.. سكن في الصفة التي كان يجلس فيها الفقراء والعاجزون ـ وهي مكان في مسجد الرسول ـ في انتظار من يتصدق عليهم ويطعمهم، لن نتحدث نحن بل نترك أباهريرة نفسه يتحدث عما كان يدور هناك يقول: كنت من أهل الصفة فظللت صائماً فأمسيت وأنا أشتكي بطني فانطلقت لأقضي حاجتي فجئت وقد أكل الطعام، وكان أغنياء قريش يبعثون بالطعام لأهل الصفة وقلت: إلي أين أذهب؟ فقيل لي: أذهب إلي عمر بن الخطاب فأتيته وهو يسبح بعد الصلاة، فانتظرته فلما انصرف دنوت منه فقلت: أقرئني! وما أريد إلا الطعام، قال: فاقرأني آيات من سورة آل عمران، فلما بلغ أهله دخل وتركني علي الباب فأبطأ فقلت ينزع ثيابه ثم يأمر لي بطعام.. فلم أر شيئاً

هذه واحدة.. أما الثانية فيرويها البخاري عن أبي هريرة الذي يقول: والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي علي الأرض من الجوع وإن كنت لأشد الحجر علي بطني من الجوع، ولقد قعدت يوماً علي طريقهم الذي يخرجون منه من المسجد، فمر أبوبكر فسألته عن آية من كتاب الله وما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر عمر بي فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليشبعني فلم يفعل.. أما الثالثة فهي قاسية يقول أبوهريرة والرواية أيضاً للبخاري: لقد رأيتني وإني لأفر فيما بين منبر رسول الله إلي حجرة عائشة مغشياً علي.. فيجئ الجائي فيضع رجله علي عنقي ويري أني مجنون وما بي من جنون.. ما بي إلا الجوع

لم يكن هناك من يسعف أبا هريرة أو يطعمه.. كلهم كانوا يولون وجوههم عنه.. إلا جعفر بن أبي طالب.. ولعله من أجل ذلك كان جعفر عند أبي هريرة أفضل الصحابة جميعاً، ففضله علي أبي بكر وعمر وغيرهما.. ولذلك أهداه هذا الحديث الخرافي الذي يقول فيه: ما احتذي النعال ولا ركب المطايا ولا وطئ التراب بعد رسول الله أفضل من جعفر بن أبي طالب، يا سبحان الله.. أكل هذا لأن جعفر كان يعطف عليه ويطعمه من منزله دون الآخرين

كان أبوهريرة في المدينة ـ كما كان عند أهله في اليمن ـ رجلاً بلا شأن يذكر ولا عمل يؤثر عنه اللهم إلا التعرض للناس في الطرقات وعلي باب المسجد يستجديهم بلسانه ويتناول ما تجود به نفوسهم بيده يدفعه هذا وينفر منه ذاك، ومما يذكر عنه أنه حاول مرة أن يخرج علي جبنه ويتشبه بالأبطال فذهب يحارب في غزوة مؤتة ولكنه ما كاد يري صليل السيوف ولمعان الأسنة حتي غلب عليه طبعه فجبن وهلع ولاذ بالفرار ولما عايروه بفعلته هذه، لم يجد جواباً يدافع به عن نفسه

لكن لا يجب أن نكون ظالمين لأبي هريرة هكذا فنجرده من كل ميزة.. فهناك ميزة كان يجتهد في إظهارها للناس وهي فهمه الشديد للطعام وحبه له، ومن أجل ذلك كان يتكفف الأبواب ويتبع الناس في الطرقات يتسولهم، وهذا النهم كان له أثر بعيد في حياته،.. وقد لازمته هذه الصفة طوال عمره حتي جاءت الرواية الصحيحة أنه لما نشب القتال في صفين بين عليّ رضي الله عنه ومعاوية كان يأكل علي مائدة معاوية الفاخرة ويصلي وراء عليّ وإذا احتدم القتال لزم الجبل، وعندما سئل كيف يفعل ذلك.. كان يقول: الصلاة خلف عليّ أتم.. وسماط معاوية أدسم، وترك القتال أسلم ومن بين ما يقال عن أبي هريرة منسوباً إلي الثعالبي صاحب كتاب «ثمار القلوب في المضاف والمنسوب»: كان أبوهريرة علي فضله واختصاصه بالنبي مزاحاً أكولاً وكان يدعي الطب فيقول: أكل التمر أمان من القولبخ وشرب العسل علي الريق أمان من الفالج وأكل السفرجل يحسن الولد وأكل الرمان يصلح الكبد والزبيب يشد العصب ويذهب الوصب والنصب والكرفس يقوي المعدة والقرع يزيد في اللب ويرق البشرة وأطيب اللحم الكتف وحواشي فقار العنق والظهر، وكان يديم أكل الهريسة والفالوذج».. وهذه بالطبع توصيفات رجل يجيد الأكل ويتفنن فيه ولا يجيد الطب

كان أبوهريرة يفضل بطنه علي ما عداه «وها هو يقول: أقبلت مع رسول الله فسمع رجلاً يقرأ «قل هو الله أحد» فقال رسول الله: وجبت، فسألته ماذا يا رسول الله؟ فقال: الجنة، قال أبوهريرة فأردت أن أذهب إليه فأبشره ثم فرقت أن يفوتني الغداء مع رسول الله فآثرت الغداء ثم ذهبت إلي الرجل فوجدته قد ذهب، ومن بين ما كان يدعو الله به أنه كان يقول: اللهم ارزقني ضرساً طحوناً ومعدة هضوماً ودبراً نثوراً، وكان لنهمه يغشي بيوت الصحابة في كل وقت وكان بعضهم ينزوي منه.. لكن كل ذلك لم ينسه حبه للطعام للدرجة التي دفعته إلي أن يضع أحاديث وينسبها للنبي في فضل الولائم مثل قوله: شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها «أي بغير دعوة» ويدعي إليها من يأباها.. ومن لم يجب الدعوة فقد عصي الله ورسوله.. أي أنك إن لم تجب الدعوة إلي الولائم لتمتلئ منها فقد عصيت الله ورسوله

وإلي جوار النهم في الطعام كان أبوهريرة رجلاً مزاحاً يتودد إلي الناس ويسليهم بكثرة مزاحه وبالإغراب في قوله ليشتد ميلهم إليه ويزداد إقبالهم عليه، وهذه السيدة عائشة تقول عنه «لقد كان رجلاً مهزاراً».. وبين أيدينا ما يشير إلي كل ذلك ويؤكده.. فعن أبي رافع قال: كان مروان بن الحكم ربما استخلف أبا هريرة علي المدينة فيركب حماراً قد شد عليه بردعة وفي رأسه خلبة من ليف فيسير فيلقي الرجل فيقول: الطريق قد جاء الأمير وربما أتي الصبيان وهم يلعبون بالليل لعبة الغراب فلا يشعرون حتي يلقي نفسه بينهم ويضرب برجله فينفر الصبيان فيفرون، ويقول ابن كثير عن ذلك: كأنه مجنون يريد أن يضحكهم فيفزع الصبيان منه ويفرون هنا وهناك يتضاحكون

هذه الحياة من الانتهازية والتطفل التي كان يعيشها أبوهريرة في المدينة.. جعلت الجميع يضيقون به حتي الرسول صلي الله عليه وسلم.. بعث الرسول العلاء بن الحضرمي إلي المنذر بن ساوي العبد عامل الفرس علي البحرين يدعوه إلي الإسلام فأسلم وحسن إسلامه.. وكان فيمن بعثهم النبي مع العلاء بن الحضرمي أبوهريرة وقال له: استوص به خيراً، فقال له العلاء: إن رسول الله أوصاني بك خيراً فانظر ماذا تحب، فقال: تجعلني أؤذن لك ولا تسبقني بآمين فأعطاه ذلك.. هذه الواقعة تضع أيدينا علي نقطتين مهمتين للغاية في حياة وتاريخ أبوهريرة

الأولي أنه قدم إلي المدينة مسلماً في صفر سنة 7 هجرية وخرج منها إلي البحرين في ذي القعدة سنة 8 هجرية أي أنه أقام إلي جوار الرسول عاماً وتسعة أشهر فقط.. وهو ما يشكك في الذين قالوا: إن أبا هريرة مكث إلي جوار الرسول ثلاث أو أربع سنوات يروي عنه الأحاديث وذلك حتي يزيدوا في ثقله ووزنه في دنيا رواية الحديث، لكن الواقع يشير إلي أنها كانت سنة وتسعة أشهر فقط وهي فترة قصيرة بحكم الزمن قضي أبوهريرة معظمها في سؤال الناس ومتابعتهم في الطرقات من أجل أن يأكل.. فمتي جلس إلي الرسوال ليستمع منه إلي كل هذه الأحاديث التي رواها عنه

الثانية: أن الرسول أبعد أبا هريرة إلي المدينة حتي يتخلص منه.. فما ظنك برجل يتصدي للصحابة في طرقهم إن ساروا ملحاً عليهم أن يطعموه وبخاصة الكبار منهم كأبي بكر وعمر ويلاحقهم في سبيلهم حتي تضييق منه صدورهم فيضجرون منه ويفرون من وجهه، ولم يقف الأمر عند ضجر الصحابة ونفورهم بل كان يذهب إلي مكان عزيز من النبي «بين منبره وحجرة عائشة فيتماوت ويمثل مشهداً تشمئز منه النفوس الآبية وتنفر منه الطباع الكريمة.. كان يغشي عليه فيأتي من يضع قدمه علي عنقه اعتقاداً أنه مجنون، ولا شك أنهم ما كانوا ليفعلوا ذلك معه إلا استهانة به وازدراء له، إذ لو كان له حرمة عندهم أو مكانة لديهم لأشفقوا عليه وأعانوه ولم يطأوا عنقه.. وبديهي أن الرسول نفد صبره من تصرفت أبي هريرة فرأي ضرورة اقصائه عن المدينة ليتخلص منه وليربح الناس من تطفله إذ لا يصح أن يكون بين أصحابه ومن يعيشون بجواره من لا يحمل نفساً آبية عفيفة قانعة

إن الرسول لو كان يعلم أن في أبي هريرة خيراً وفضلاً وأنه أهل لصحبته لأبقاه إلي جواره كسائر أصحابه ولكنه لما علم فيه أنه غير صالح لصحبته أقصاه عنه ولم يرض أن يظل قريباً منه.. ومن العجيب أننا لم نر النبي قد صنع مع أحد من أصحابه جميعاً حتي المنافقين منهم مثل ما صنع مع أبي هريرة، وإنما كان يبعث من يبعث من أصحابه إلي مختلف البلدان إما ليعلموا الناس أو ليكونوا ولاة عليها أو مصدقين فيها أو رسلاً وسفراء بينه وبين من يحكمونها

في سنة 21 هجرية تولي أبوهريرة إمارة البحرين في عهد عمر بن الخطاب.. لكن تري ماذا فعل هناك؟.. من كلام عمر يظهر لنا ما جري بعد أن عاد أبوهريرة إلي المدينة استوقفه عمر قائلاً له: هل علمت من حين أني استعملتك علي البحرين وأنت بلا نعلين.. ثم بلغني أنك ابتعت فرساً بألف دينار وستمائة دينار، قال: كانت لنا أفراس تناتجت وعطايا تلاحقت قال له عمر: قد حسبت لك رزقك ومؤونتك وهذا فضل فأده، فرد أبوهريرة: ليس لك ذلك، فقال عمر: بلي والله وأوجع ظهرك، ثم قام إليه بالدرة فضربه حتي أدماه، ثم قال له: أنت بها، قال: احتسبتها عند الله، قال: ذلك لو أخذتها «من حلال» وأديتها طائعاً أجئت من أقصي حجر البحرين يجبي الناس لك لا لله ولا للمسلمين

وقد يرد علي الخاطر سؤال.. فإذا كان عمر بن الخطاب يعرف كل هذه المساوئ في شخصية أبي هريرة.. فلِمَ ولاه علي أمور البحرين.. والإجابة علي ذلك ببساطة أن سنة عمر في استعمال الولاة كانت تقضي بأن لا يستعمل كبار الصحابة حتي لا يدنسهم بالعمل وإنما يستعمل صغارهم، فاستعمال أبي هريرة علي هذه السنة لا يكون مستغرباً.. ثم إن عمر لم ينس من تاريخ أبي هريرة في المدينة شيئاً.. وكيف ينسي ما وقع له نفسه أيام كان أبوهريرة يعيش في الصفة.. فقد كان يلاحقه في طريقه ويضايقه في سيره فلا يجد سبيلاً إلي التخلص منه إلا بأن يدخل داره ويغلق الباب في وجهه.. وكان لا يخفي عليه أن النبي أخرجه من المدينة بعد أن ظهر من تطفله الذي أضجر الناس منه

ولذلك كله منع عمر أبا هريرة من رواية الأحاديث.. فقد كان أول من تنبه إلي خطره.. فعندما انتهي إليه أنه يحدث عن النبي دعاه وزجره، ثم لم يلبث أن ضربه بدرته، ولما لم يتراجع أوعده إن لم يترك الحديث عن رسول الله فإنه سينفيه إلي بلاده، غضب عليه عمر وقالها له صراحة: أكثرت يا أبا هريرة وأحري بك أن تكون كاذباً علي رسول الله، ولعل هذا ما يفسر كثرة أحاديث أبي هريرة بعد وفاة عمر وذهاب درته، إذ أصبح لا يخشي أحداً بعده وكان عمر يخيف الناس ومن قول أبي هريرة عن ذلك، إني لأتحدث أحاديث لو تكلمت بها في زمن عمر لشج رأسي

هذا جانب فقط من سيرة حياة أبي هريرة الذي انتزع لنفسه دون وجه حق لقب الراوي الأكبر لأحاديث الرسول، لا أقصد بالطبع الإساءة إليه فهذه حياته كما تحدث هو نفسه عنها.. ولأن علماء الحديث يحتجون بأنه إذا فسد السند فسد المتن، أي إذا فسد راوي الحديث الذي يتحدث عن الرسول.. فسد الكلام الذي يقوله فإنني أسأل.. هل هناك فساد أكبر من هذا يمكن أن يمس إنسان.. لقد كان أبوهريرة رجلاً بلا قيمة سواء في بلدة اليمن أو في المدينة التي عاش فيها إلي جوار الرسول عاماً وتسعة أشهر أو في البحرين التي حكمها ولم يراع الله في رعاياه بها.. فكيف نقبل من مثل هذا الرجل حديثاً أو رواية واحدة عن الرسول.. وقد كان الرسول نفسه يضيق به للدرجة التي أبعده بها عن صحبته ولم يدافع عنه ويقف ضد الذين أهانوه.. لأنه كان يستحق الإهانة، إننا لا ننتقص من قيمة صحابي لأجل أحد.. ولكننا نفعل ذلك من أجل أن ننقي أحاديثه التي رواها ونعرف أيها قاله الرسول وأيها تم الافتراء به عليه.. ويبقي السؤال.. إذا كان أبوهريرة بكل هذا السقوط، فلماذا احتل كل هذه المكانة في التاريخ الإسلامي؟؟؟

كاتب المقال(محمد الباز ...... جريدة الفجر الصادرة في مصر)

... هدفت من نقل هذا المقال ... البحث في سلبياتة .... وايجابياتة ان وجدت ... والبحث في موضوع مصادرة التاريخية
عسا ان يكون فية بعض العلم والمعرفة للقارء
.... والله ولي التوفيق...

مروان
المنتديات

التعليقات

جقل

شكرا على المقال والمعلومات المفيده , وان كنت الان - بموضوعك هذا - قد حكمت على نفسك بأن تظهر ك - حاقد - عند بعض من يقرأ . وللاسف سواء أكنت ناقلا ام كاتب , من مذهب هؤلاء او اولئك ستكون حاقد عندما - تعتمد على تحليل تاريخي موضوعي منطقي ولا تتبع على عماها - هل تذكرون معاناة الكاتب عكاشه مع عصابة الازهر وغيره .. كم عكاشه لدينا في هذا التاريخ الاسلامي وكم ابو هريره ؟ وللأمانه يجب ان أقول ان بعض كتاب الشيعه قد تفوقوا في حجم المبالغات والتناقضات - والمضحكات المبكيات - . لفت نظري ايضا ما ذكره الكاتب عن سياسه عمر في استعمال صغار الصحابه كولاه كي لا يدنس كبارهم !! هنا أريد ان أسأل , هل المنصب هو من يدنس صاحبه , أم ان - النفس الأماره بالسوء - هي من تفعل ذلك ؟ وان كان المال الجاري بين يدي الوالي - فتنه له - أليس الأجدر ان يستلم الولايه من يملك ايمانا قويا صافيا يجعله يتغلب على شيطان المال .. ومن الطبيعي ان يكون الحفاظ على اموال المسلمين من الضياع اهم من العمل على بقاء هذا الصحابي بلا تدنيس . ماذا لو كان سيدنا أبي ذر الغفاري هو والي البحرين انذاك ؟ هل كان سيشنري فرس ب 1600 دينار ...؟ لا اعتقد ذلك . فهل أخطأ عمر .. ؟ في الحقيقه .. نظريته كانت خاطئه , ونقضها هو عمر نفسه , فهو تولى أمر المسلمين ومالهم ورغم ذلك استطاع بفضل ايمانه الثابت ان يحارب اغراء المال والسلطه وان يحكم بعدل لاخر يوم في حياته . لو كان كأبي هريره لكان أخطئ .
جقل

يبدو أن الرد على الكاتب جاء سريعا .. ....... ضمن سلسلة الإساءة للصحابة .. صحف مصرية تصف "أبو هريرة" بالمتسول : القاهرة: استنجد مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بالرئيس حسنى مبارك، لمنع ماتنشره بعض الصحف المستقلة في مصر، حول الصحابي "أبو هريرة" . وقال أحد أعضاء المجمع البارزين الدكتور محمد رأفت عثمان :"إنه في ظل عدم استجابة هذه الصحف لنصحنا، لجأنا الي الرئيس مبارك، ليتدخل ويوقف هذا التطاول غير المبرر".... الخ الخبر , وهذا الرابط : http://www.moheet.com/asp/show_m.asp?pg=13&lc=68&do=1933678 ........ ما بال جماعه الازهر !! الا يوجد بينهم من يستطيع الرد بالكلمه على تطاولات هؤلاء الكتاب ؟ لماذا تتم معالجه هكذا قضايا باحدى طريقتين , - تهديد ارهابي اصولي , - تهديد مخابراتي اعتقد ان الجواب موجود في الايه الكريمه : لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ صدق الله العلي العظيم
أبو الحكم

ما اعجبني بها هذا النص....أنه لما نشب القتال في صفين بين عليّ رضي الله عنه ومعاوية كان يأكل علي مائدة معاوية الفاخرة ويصلي وراء عليّ وإذا احتدم القتال لزم الجبل، وعندما سئل كيف يفعل ذلك.. كان يقول: الصلاة خلف عليّ أتم.. وسماط معاوية أدسم، وترك القتال أسلم ومن بين ما يقال عن أبي هريرة منسوباً إلي الثعالبي صاحب كتاب «ثمار القلوب في المضاف والمنسوب»: كان أبوهريرة علي فضله واختصاصه بالنبي مزاحاً أكولاً وكان يدعي الطب فيقول: أكل التمر أمان من القولبخ وشرب العسل علي الريق أمان من الفالج وأكل السفرجل يحسن الولد وأكل الرمان يصلح الكبد والزبيب يشد العصب ويذهب الوصب والنصب والكرفس يقوي المعدة والقرع يزيد في اللب ويرق البشرة وأطيب اللحم الكتف وحواشي فقار العنق والظهر، وكان يديم أكل الهريسة والفالوذج».. وهذه بالطبع توصيفات رجل يجيد الأكل ويتفنن فيه ولا يجيد الطب [ تم تحريره بواسطة أبو الحكم on 15/4/2007 ]
M MAROUF

سلام (جقل) لاشكر على واجب... اتمنى ان يكون الموضوع اعجبك واعجب من يهمه البحث ببعض الأمور التاريخية... اما ان يراني البعض حاقد عندما يقرء ما نقلته.... فلماذا ؟؟؟.. فانا شخصيا لا اتوقع هذا .... واظن ان القراء يحبون النقاش العقلاني في هكذا امور وخاصة انها لم تعد خافية على احد... وفي نقل هذا المقال لم نتجنى او نرغب الأساءة لأحد.. وانا شخصيا... موضوع البحث الديني امر احبذة ولكن بالعقل والمنطق ... والكلمة بالكلمة والفكر بالفكر... .... وجود الله حقيقه ثابته بالنسبة لي اما بقية الحقائق فهي امور قابلة للنقاش مهما كبرت او صغرت... والله ولي التوفيق
جقل كتبَ: شكرا على المقال والمعلومات المفيده , وان كنت الان - بموضوعك هذا - قد حكمت على نفسك بأن تظهر ك - حاقد - عند بعض من يقرأ . [ تم تحريره بواسطة M MAROUF on 16/4/2007 ]
rawand

حتى اليوم لا أستطيع أن أحكم أي دين هو الأصح، وأي طائفة ستدخل الجنة أولا، مع أن الموضوع أخذ مني تأملا طويلا، والكثير من القراءة وبعد أن سمعت الرأي والرأي الآخر وصلت إلى ما يلي كل الأديان تقوم على أديان سبقتها ثم تقوم بالانفصام عنها ثم تنقلب عليها! وما يسري على التيارات الرئيسة يسري على التيارات الفرعية وبالتالي: إما أن يكون مآلنا كلنا في الجنة، أو أنه لا من جنة ولا هم يحزنون، و أن الأرض هي الجنة الحقيقية التي ندمرها متوهمين بوجود عوالم أفضل، وأنه لا مبرر لتحمل الظلم والطغيان أملا في أن تعاقبه القوة العليا في هذا الكون يوما وتذيقهم العذاب بما كانوا يفعلون بأهل الجنة الموعودة.
elite

لا أستطيع أن أحكم أي دين هو الأصح،
قال الله في كتابه العظيم "إن الدين عند الله الإسلام ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين" صدق الله العظيم
وأي طائفة ستدخل الجنة
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( .... وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا واحدة، قالوا وما هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي)
إما أن يكون مآلنا كلنا في الجنة
قال الله في كتابه العظيم "أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار" صدق الله العظيم
أو أنه لا من جنة ولا هم يحزنون
أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم الينا لاترجعون
جقل

rawand كتبَ: كل الأديان تقوم على أديان سبقتها ثم تقوم بالانفصام عنها ثم تنقلب عليها! .
طيب ليش ما بتكون الأديان فعلا الها جوهر واحد ( كل الأديان تقوم على أديان سبقتها ) , أو خليني قول سلسله واحده سميها , الصراط المستقيم , ويكون - الاسلام , مسيحيه , يهوديه , وحتى بوذيه - مانها غير محطات - ممكن تتفاوت من حيث الاهميه - على هاد الطريق ؟ بعدين ( انفصام كل دين عن اللي قبله , والانقلاب لاحقا عليه ) ممكن يكون نتيجه لأخطاء اتباع الاديان نفسها - الناس - وبعيدا عن رغبة الاراده الالهيه !؟ ........... rawand كتبَ:
لا أستطيع أن أحكم أي دين هو الأصح،
elite كتبَ:
قال الله في كتابه العظيم "إن الدين عند الله الإسلام ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين" صدق الله العظيم
صحيح .. لكنه ايضا قال : {‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره‏} افرض ان الشاب ( س ) ولد في محيط او بلد غير اسلامي , وعاش انسان صادق , خير , لا يؤذي ولا يعتدي , ( لم يعرف او عرف ) عن الاسلام فوجده - كما الشائع عنه - دين قتل ودماء , بلدانه غارقه بالفوضى والديكتاتوريه والحروب . ببساطه لم يعجبه الأمر نسي الموضوع وكمل حياته ومات غير مسلم . هلق في احتمالين لهلزلمه - اما انو يكون فعلا من الخاسرين وكل الخير اللي عملوا راح هيك , وبهلحاله لازم يكون الله ظالم , { وما ربك بظلام للعبيد } - او انو , يتغاضوا الشبيبه عن شغله دينه اللي مات عليه و يتكافئ على الخير اللي عملوا اما مباشره او بأعطائه فرصه تانيه بمكان افضل ليحسن وضعوا ويتعرف بشكل أفضل على - الدين عند الله - ويتبعه ويموت عليه - وبظن هاد تجسيد معقول لمبدأ العداله الالهيه . وهاد المثال بينسحب على الناس اللي بيولدوا بأي مكان من هاد العالم ولكل واحد فيهون ظروف مختلفه ليوصل لهاد الدين المنجي اللي سميتو الايه - الاسلام -
elite

قال تعالى: "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ماخلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار
أنا هنا لايمكنني الحكم على هذا الشاب فهذا شأنه و ربه الذي خلقه ولكن ألم يفكر من خلقه و من خلق عينه لم يسأل كيف يضخ هذا القلب كيف خلق لنا الله الماء الذي نشربه أو الحيوانات التي نتغذي بها ألم يفكر في ذلك الكمال هل فكر لو اقتربت الشمس قليلا عن مسارها و اقتربت نحو الأرض أو العكس هل فكر أن لو تعطلت الغدة النخامية و الكثير و الكثير الذي لا يمكن جمعها
وإن تعدو نعمة الله لا تحصوها
العلة في سبب وجودنا هي أن نعبد الله و لكن أكثر الناس لا يفقهون
قال الله تعالى ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ) حين عرض الله سبحانه و تعالى الأمانة على السموات و الأرض و الجبال و على الإنسان الأول و فيه ذريته ، أو على الإنسان الشامل لكل أفراد النوع و هم في عالم الذر ، لا بد أن يكون هؤلاء قد أدركوا ما عرض عليهم و فهموه ، حتى أبى حمل الأمانة من أباهُ ، و قبل حملها من قَبِلَه . و يمكن أن نصور هذا العرض و الحوار الذي جرى حوله تخيلاً، و استنباطاً من وجيز البيان: العرض : أتريدين أيتها السموات و الأرض و الجبال أن تحملي الأمانة ؟ أتريد أيها الإنسان أن تحمل الأمانة ؟ المعروض عليهم : ما هي الأمانة التي نحملها ؟ العرض : تُجعل لكم إرادة حرة ، و سلطة على بعض ما يوضع في ذواتكم من قوى و طاقات و أشيا أمانة عندكم ، على سبيل الإعارة للانتفاع أو الوديعة ، و يُؤذن لكم بالتصرف فيما حولكم من الكون ، مما تصل قدراتكم إليه أو إلى مفاتيحه . المعروض عليهم : هذا التصرف من صفات الخالق المالك ، و كيف نتصرف و ليس لدينا رغبات و لا شهوات ، و لا حاجات و لا أهواء ، و لا نستطيع أن تكون لنا صفات الرب الحكيم ؟ العرض : تُخلق فيكم رغبات و شهوات ، و حاجات و أهواء و لذات و آلام . المعروض عليهم : و هل يباح لنا أن نتصرف بإرادتنا الحرة ، وفق رغباتنا و شهواتنا و حاجاتنا و أهوائنا دون مسؤولية ؟ العرض : يعطى لكم التمكين من التصرف ، لكن لا على سبيل إباحة كل شيء . المعروض عليهم : كيف نتصرف إذن ؟ العرض : يوجه لكم التكليف لفعل أشياء و ترك أشياء على خلاف رغباتكم و شهواتكم و أهوائكم ، و يباح لكم أشياء لتلبية مطالب حاجاتكم و شهواتكم . المعروض عليهم : فإذا خالفنا الأوامر و النواهي و عصينا فلم نؤد التكاليف ؟ العرض : أنتم إذاً ملاحقون بالمحاسبة و الجزاء على اختياراتكم . المعروض عليهم : هذا تكريم و تشريف ، مقرون بتكليف و مسؤولية ، و بعده حساب و جزاء ، و لكن هل يبقى في ذاكرتنا هذا العرض و هذا الحوار ؟ العرض : يطوى من ذاكرتكم هذا العرض و هذا الحوار ، و تطوى من ذاكرتكم هذه المعرفة الحاضرة بخالقكم ، و يبقى فيكم ما يشدكم إلى معرفته و الإيمان به إيماناً غيبياً ، و إلى معرفة الغاية من وجود الأمانة الكبرى تحت سلطتكم ، و ترسل إليكم الرسل و تنزل إليكم الكتب ، لتعريفكم و بيان المطلوب منكم ، و إنذاركم و تحذيركم ، و تبشير من آمن و أطاع منكم ، و يخبرونكم بما جرى في هذا العرض . المعروض عليهم : و ما هو نوع الجزاء ؟ العرض : عذاب أليم أبدي بالحريق في دار عذاب ، على الكفر بالرب الخالق و الإشراك به ، و جحود ربوبيته أو ألوهيته ، و عذاب دون ذلك بالعدل حسب المعاصي و الإساءات . و نعيم أبدي في جنات نعيم خالدة ، على الإيمان بالخالق إيماناً غيبياً ، و الإسلام له ، و درجات من النعيم بعضها فوق بعض ، بقدر ما يقدم كل واحدٍ منكم من صالح الأعمال ، مع احتمال غفران أو عفوٍ عن سيئات دون الشرك بحسب مشيئة بارئكم . السماوات و الأرض و الجبال : هذه مخاطرة مخيفة نأبى قبولها ، ما دام الأمر عرضاً لا جبر فيه ، فنحن لذلك نأبى حمل هذه الأمانة . الإنسان : قبلت هذا العرض ، فأنا أحمل هذه الأمانة الكبرى ، و أتحمل تبعتها ، و تحلو عندي هذه المخاطرة ، و يشدني إليها الطمع بمقام التكريم ، و ببلوغ المجد العظيم . العرض : خذ الأمانة أيها الإنسان ، و ستدخل رحلة الامتحان في الوقت المقدر لدخولك عبر الحياة الدنيا ، منذ بلوغك سن التكليف حتى وفاتك ، ثم تكون لك حياة أخرى لمحاسبتك و مجازاتك
جقل

elite كتبَ: أنا هنا لايمكنني الحكم على هذا الشاب فهذا شأنه و ربه الذي خلقه . ولكن ألم يفكر من خلقه و من خلق عينه لم يسأل كيف يضخ هذا القلب كيف خلق لنا الله الماء الذي نشربه أو الحيوانات التي نتغذي بها ألم يفكر في ذلك الكمال هل فكر لو اقتربت الشمس قليلا عن مسارها و اقتربت نحو الأرض أو العكس هل فكر أن لو تعطلت الغدة النخامية و الكثير و الكثير الذي لا يمكن جمعها
طيب .. وهل يجب ان يقود هذا التفكر والتأمل الى الاسلام ام الى الايمان بوجود قوه عظمى أبدعت كل هذا يمكن ان يطلق عليها تسميات مختلفه ! لماذا تنظر من ثقب الباب !؟ الله ليس حكر على المسلمين ولا على الاسلام , ولو كان كذلك لما كانت هناك يهوديه ولا مسيحيه ولا انجيل وزبور . أمر اخر , كيف لا يمكنك الحكم على هذا الشاب وهناك ايه واضحه صريحه أمامك !! في الحقيقه , الحكم , هو طريقك تفسيرك للايه الوارده . وطريقه تفسيرك تعتمد على فهمك لمعنى ان الرساله المحمديه جامعه لكل ما قبلها . انا تعلمت ان كلمه جامعه تعني انها الأفضل والاتم لكن ليست الوحيده . بكل حال اكتفي الى هنا , لست متدين ولا من عادتي الانجرار الى حديث ديني ولا احب ذلك .. شكرا للجميع .
وئواء

يؤيؤ يؤ لك يا هبيبي هذا الحكي تبع الكتب اللي أرغمونا نئرأ فيها. حبيبي انا بعرفو أبو هرهورة هوي عشيئا للمدام عيوش .. باي آ ما توخذني نسيت ما خبرك اني بحبه كتير لأنو كان شطور وثرثار ويحط بهارات على كل حديث نئله بس انا بدي أسألك دخلك حبيب مو صحيح انو كان الرسول يلعنه على ئد ما كان ما يلحوس أي صحن بياكل فيه؟؟؟ [ تم تحريره بواسطة وئواء on 22/4/2007 ]

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

دعوة للمشاركة

موقع الأيهم صالح يرحب بالمشاركات والتعليقات ويدعو القراء الراغبين بالمشاركة إلى فتح حساب في الموقع أو تسجيل الدخول إلى حسابهم. المزيد من المعلومات متاح في صفحة المجتمع.