من طروادة إلى دمشق: رجال الدين يحرقون المدن

في فيلم طروادة الجديد، يقف حاكم طروادة الذي اعتقد أنه انتصر نصرا عظيما أما الحصان الخشبي، ويسمع آراء مستشاريه. يقترح الأمير الشاب إحراق الحصان، ولكن رجل الدين يقترح إدخال الحصان إلى المدينة. لا يعرض المخرج الحوار بتفاصيله، ولكنه يظهر لنا أن الحاكم نفذ رأي رجل الدين كما كان يفعل دائما، وجر على نفسه ومدينته الخراب.

رجل الدين هذا لم يكن يهتم بالناس، لم يكن يفهم بالسياسة، ولم يكن يتورع عن التحريض على الحرب بغض النظر عن الخسائر، وعن معارضة أفكار حقن الدماء التي يطلقها القادة العسكريون. أما الملك الحكيم، والذي تعود أن يضع رأي رجل الدين فوق كل رأي، ويعتبر نصيحته فتوى مباشرة من الآلهة، فقد فقد أقوى أبطاله وولده الأكبر نتيجة نصيحة غبية لرجل الدين، وصحا ليلا ليجد مدينته تحترق نتيجة تنفيذ نصيحة أخرى لرجل الدين نفسه.

ما أشبه شيوخ بلادنا برجل الدين ذاك. وما أشبه الإرهاب الإسلامي بحصان طروادة، ولكن الفرق كبير جدا بيننا نحن، وبين أهل طروادة. الطراودة لم يكونوا يعرفون التاريخ، لأنه بالنسبة لهم لم يكن قد كتب. أما نحن السوريين، فنعرف التاريخ جيدا، ولا نريد لبلدنا مصيرا مشابها لمصير طروادة.

وفي سوريا التي يستطيع فيها رجال الدين فعل ما يشاؤون، لن تجد إلا قلة من السوريين يحتجون على إدخال الحصان الإرهابي إلى دمشق وحلب وحماة واللاذقية وبقية المدن السورية، ويواجهون تهمة العداء لتلك الآلهة الخرافية. ومنهم من قضى نحبه أو فقد حريته على يد شيوخ الإرهاب، ومنهم من ينتظر.

عزيزي نبيل فياض، ربما لن يطلقوا سراحك حتى يخرج أبطال الإرهاب الإسلامي من الحصان، ويفتحوا الأبواب ليبدأ الأعداء بحرق بلدنا. ويومها سيطلقون سراحك لترى بأم عينك كيف يتم حرق بلدك الحبيب، ثم سيذبحونك مثلما سيذبحون كل السوريين.

سيستمر إحراق كلية الحقوق كل عام ، وستمتد الحرائق لتشمل المسرح القومي والفنادق والمعرض القديم في مقدمة لإحراق دمشق كلها، ولن تتوقف عن الاشتعال ما لم يتم إغلاق كلية ومجمع الإرهاب والفساد في دمشق.

ومثلما سمي الحصان باسم طروادة رغم أن الطرواديين لم يصنعوه، وهم أكثر الناس كرها له، سيسمى الحصان الإرهابي باسم سورية، رغم أن السوريين لم يصنعوه، وهم أكثر الناس كرها له. وسيذكر التاريخ لسنوات عديدة الإرهابيين وسفاكي الدماء الذين يحترفون حز الرؤوس وقطع الأيدي والأرجل من خلاف، بينما لن يكتب أحد عن السوريين الحقيقيين الذي كانوا الضحية الأساسية للإرهاب.

رجل واحد يستطيع أن يوقف هذا المستقبل الأسود لبلدنا، يستطيع أن يعيد الشيوخ إلى جوامعهم، ويحاسب الفاسدين الذين أشرفوا شخصيا على إحراق كلية الحقوق، ويرسل الإرهابيين إلى السجون، ويحمي مجتمعنا من العصابات النسائية التي تعتدي على نساء دمشق غير المحجبات، ويخرجك من المعتقل لتساهم في تنظيف سورية من الجراد الإرهابي الذي أخذ يستوطن فيها.

 

الأيهم صالح
www.alayham.com
اللاذقية ـ سورية
16ـ10ـ2004

التعليقات

الأيهم

وصلني ما يلي من صديق عزيز وهو كاتب معروف، ولكنه لا يرغب بخوض النقاشات على الإنترنت لأنه لا يجد الوقت الكافي لذلك
الأخ العزيز أيهم المقال ممتاز ، لو أنك لم تضع العبارة التالية: "كلية ومجمع الإرهاب والفساد في دمشق" عندما تحكم سلفاً على كلية يفترض أن يقف خريجيها في مواجهة من تخشى منهم، فأنت تساعد أعدائك وأعداء البلد . عليك التمييز بين الإسلام كديانة وبين الفكر الإسلامي الذي يعلو ويخبو بين جيل وآخر ومجتمع وآخر، والفكر الإسلامي المتخلف حالياً هو نتاج المجتمع، والكلية ( أو أي مؤسسة تعليمية) هي وسيلة تطوير هذا الفكر فيتقدم الفكر بتقدمها ويتخلف بتخلفها. كنت أتمنى أن تكون أكثر دقة في الوصول للمشكلة ( التي أتفق معك بها) ولكنني أختلف في التحليل حول سببها، إذ أعتقد أن السبب هو ضعف التعليم الديني وليس وجوده.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

دعوة للمشاركة

موقع الأيهم صالح يرحب بالمشاركات والتعليقات ويدعو القراء الراغبين بالمشاركة إلى فتح حساب في الموقع أو تسجيل الدخول إلى حسابهم. المزيد من المعلومات متاح في صفحة المجتمع.