ترجمة نص المقابلة مع لوك ميشيل مؤسس حزب الجماعة الوطنية الأوربي ((PCN-NCP حول حركته المضادة للأتبوريين.
سؤال 1: أعطيت تصريحاً حول القضية الليبية ... وأخذت موقفاً واضحاً في الدفاع عن ليبيا وانتقاد الموقف الروسي الرسمي وكتبت أن روسيا أطلقت النار على معسكرها تماماً .. وأنها فقدت حليفاً جيوسياسياً كبيراً في المتوسط ... هل يمكن أن تحدثنا بالمزيد حول ذلك ؟
لوك : تماماً .... إن السياسة الخارجية الروسية في القضية الليبية هي سياسة غير متماسكة وتسير عكس اتجاه كافة المصالح الوطنية الروسية ، وكان هذا أيضاً موقف آخر سفير روسي في طرابلس الغرب عندما غادر ليبيا إلى موسكو في نهاية شهر آذار .
لنبدأ اولاً بموقع ليبيا بالنسبة لروسيا .... كان القذافي ( أو جماهيرية القذافي ) الحليف الوحيد في المتوسط بمواجهة شواطئ الاتحاد الأوروبي .قد يقولون لي ان هناك أيضاً سوريا,ولكن وضع سوريا مختلف تماماً .. كان القذافي يفضل بشكل واضح ويرعى المصالح الروسية وبعض القضايا والعقود ... وكان ممكن للروس أن يحصلوا على قاعدة عسكرية بحرية في بنغازي .إضافةً إلى أن روسيا أصبحت أول مورد سلاح لليبيا ... وأن الروس حصلوا على مزايا عديدة في عقود نفطية .
إن مشكلة السياسة العامة الروسية هي ان الانقلاب الذي هزّ استقرار ليبيا , وما تلاه من عدوان أطلسي ، يأخذ مكانه ضمن سلسلة من الأحداث التي كانت تهدف إلى سيطرة الأمريكان على منطقة ( أوروبا وآسيا ) ،وهذا ما تضمنه برنامج زينيو بريزنسكي ،وأذكٍّر هنا شيئاً نتجاهله غالباً وهو أن بريزنسكي كان المستشار الرئيسي في السياسة الخارجية لمرشح الرئاسة الأمريكية أوباما .
إن الذهاب إلى دعم قلب النظام الليبي والتصرف بطريقة خجولة جداً حيال العدوان على النظام السوري ... هو بكل بساطة تحضير الأرضية للعدوان على روسيا بحد ذاتها , وهو الهدف النهائي للأمريكيين .
سؤال 2: إن موجة العدوان على العالم العربي وبشكل خاص ليبيا وسوريا هي عملية غربية لزعزعة الاستقرار في المنطقة ... وهي مشابهة تماماً للثورات الملونة المنفذة من قبل الولايات المتحدة في أوروبا الشرقية منذ العام 2000 وسقوط نظام ميلوزوفيتش ما هو رأيك بهذا الأمر ؟
لوك : تماماً ... كنت أول من أشار إلى هذا الأمر في بداية شهر شباط 2011,حيث أظهرت ان هناك تماثلاً وتشابهاً بين الثورات الملونة والربيع العربي .... وأضيف شيئاً آخر وهو أن السيناريو ليس ذاته فحسب ... وإنما اللاعبين هم ذاتهم أيضاً .
يجب أن تعرف أن ما سميناه الثورات الملونة ما هو إلَا سلسلة من الانقلابات التي تم تنظيمها إما في مناسبة الانتخابات الرئاسية أو بعد اضطرابات اجتماعية ... ولكنها لم تنطلق في عملياتها من لا شيء . أي أن هناك مجموعة مؤسسات غير حكومية (ONG ) ولكنها في الحقيقة مؤسسات حكومية أمريكية متخفيّة تتغطّى بشعارات الديمقراطية وتقوم بتأمين تمويل حركات المعارضة في البلدان التي يريد الأمريكان مهاجمتها . ويقف وراء هذه المنظومة , منظمة عالمية تدعى أتبور ( أي المقاومة باللغة الصربية ) ... وهي المجموعة الأولى التي نفّذت انقلاباً أو ثورة ملونة بتمويل أمريكي وهم الذين نظموا الانقلاب على الرئيس ميلوزوفيش في العام 2000 .
يجب أن تعرف أن الرئيس ميلوزوفيش الذي واجه في الانتخابات المرشح كوستونيتشا ( الذي لقبه بعض الأغبياء بديغول العرب ) قد ربح هذه الانتخابات ، لكن عناصر أتبور انتشروا في الشارع ... وأعلنوا انتصار كوستونيتشا والذي علينا أن نعلم بأنه كان مرشح الغرب وكذلك مرشح المتعصبين القوميين الصرب ... وتلا ذلك سلسلة من الاضطرابات ... وتحول ما سموه بالثورة السلمية ( لأن أتبور تدعي الثورات السلميّة ) إلى اضطرابات ومهاجمة الشرطة واحتلال البرلمان الصربي , ومهاجمة وسلب مكاتب الحزب الاشتراكي الصربي ( SPS) ثم تحولت أتبور بمساعدة تمويل أمريكي ضخم جداً إلى حركة عالمية نظّمت في بلغراد ( صربيا ) المدرسة العالمية كانفاس .
كانفاس هي مدرسة تعلم فيها حركة أتبور للمتدربين طرق زعزعة استقرار الأنظمة، ومنذ عام 2009 يتم تنظيم المناهج فيها باللغة العربية .
إن معظم الناشطين على الشبكات الاجتماعية على الانترنت وكذلك في الشارع لما ادعوه ثورات تونس ومصر جاؤوا من هذه المجموعة . قامت أتبور أيضاً بتشكيل وتأهيل وإدارة مجموعات مشابهة رأيناهم في الجزائر واليمن والبحرين , وكذلك في الأيام الأولى من الحراك في ليبيا ( في بنغازي ) .كيف نعرف هذا الأمر ؟
في الحقيقة يجب أن تكون أعمى حتى لا ترى ذلك . لأن رمز الصناعة الأتبورية هو شعارهم : رمز القبضة، الذي يذكر برموز بعض الحركات الفاشية في الثلاثينات ... وعلم أتبور أيضاً مشابه تماماً لعلم الفاشية ( قبضة بيضاء على خلفية سوداء ) وهو مطابق تماماً لعلم النازية ( حرفي S متقاطعين على خلفية سوداء ) .
وكان رفاقنا في صربيا يسمون أفراد أتبور شباب مادلين نسبة إلى مادلين أولبرايت ( وزيرة الخارجية الأمريكية ) التي كانت تمول الحركة .
إذاً .. يشكّل هذا الشعار مرجعية لعناصر هذه المجموعة .. لماذا يفعلون ذلك ؟
أولاً لكي يظهروا تضامنهم مع بعضهم , وكذلك لكي يبرروا أيضاً لأسيادهم الأمريكيين المبالغ المالية المدفوعة لهم .
سؤال 3: قمت بتفصيل وتحليل العلاقة القائمة بين الثورات الملونة وما يسمى بالربيع العربي .. وهو الموضوع الذي تمثل فيه أخصائياً كبيراً . في بداية شباط 2011 كنت اول من وضّح هذا الأمر وأعلنت عن العدوان على ليبيا قبل 10 أيام من بدايته . هل يمكن أن تشرح لنا العلاقة بين ما يحدث في أوروبا وفي العالم العربي ؟
لوك : شرحت لكم منذ قليل طريقة العمل . عندما بدأت الأحداث في العالم العربي , أي في نهاية العام 2010 ,أدهشني كثيراً ( حتى قبل أن يظهر شعار حركة أتبور ) تشابه العملية مع ما حدث في الثورات الملونة . أي ما حدث في صربيا عام 2000 ثم في بيلاروسيا حيث فشلوا , وفي جورجيا وأوكرانيا حيث نجحوا في قرغيزستان حيث نجحوا , ثم في بيلاروسيا , وأيام بوتين في روسيا حيث فشلوا من جديد , لقد ميّزت تماماً طريقة عمل واضحة .
هذا من حيث التنفيذ ... ولكن خلف هذا التنفيذ هناك خطة وسيناريو. ما هو هذا السيناريو ؟ إنه المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الكبير .
والشرق الأوسط الكبير هو الهدف . ولكن ما هي ماهيته ؟ إنه يهدف إلى إقامة منطقة جيوسياسية واسعة وتحت السيطرة الأمريكية مع أكبر عدد ممكن من الدويلات الميكروية ،طائفية أو مذهبية إذا أمكن .
إذا راقبنا ما يحدث في العراق , يدعم الأمريكيون فكرة تشظي العراق , وفي سوريا لا يوجد شك بأنهم يسعون لنفس الأمر , وفي ليبيا يحاولون إحداث شرخ ونزاع بين مقاطعة سرت وباقي ليبيا .
إذاً تقوم هذه المنظومة على مفهوم البلقنة ( وهو وصفة سياسية قديمة ) .
من هو مخترع البلقنة ؟
إنه الكاردينال الفرنسي دو ريش ليو.حيث تم تطبيقه على ألمانيا في القرن السابع عشر عندما تدخلت فرنسا (الإمبراطورية العظمى في حينه ) في الشؤون الألمانية . وبما أنهم لم يتمكنوا من الهيمنة والسيطرة على المانيا عسكرياً , فقد نظم الفرنسيون البلقنة حيث تم تقسيم ألمانيا إلى 700 دويلة ميكروية ( حرب الثلاثين عاماً ,والتي انتهت بمعاهدة ويسفاني ) يجب أن تعرفوا أنني أدخل في هذا التفصيل , لأن النموذج السياسي والقدوة لكيسنجر ( الذي هو معلم بريزنسكي الذي كان معاونه ) هو الكاردينال دوريش ليو .... ينتمي هؤلاء الناس إلى المدرسة الجيوسياسية الأمريكية , وينتمون أيضاً إلى مدرسة أمريكية نسميها المدرسة الميكيافيلية الجديدة . وعلينا أن نفهم الطريقة التي يتعاطى فيها هؤلاء بالسياسة : إنهم لا يتعاملون مع المشاعر والأخلاق وغيرها ... إنهم يؤمنون بعلاقات القوة والمصالح بين الدول .
حدثتكم عن اللاعبين , وعن الهدف ... ولكن لتنفيذ كل ذلك , يجب وضع سيناريو. وفي الحقيقة لم ينتبه أحد أن هذا السيناريو كان مكتوباً , وأنه نشر ضمن كتاب أيضاً في منتصف العشر الأول من هذا القرن ( خلال 2004 – 2005 ) ،حيث أطلق الأمريكيون تحت إشراف CIA سلسلة كبيرة من الدراسات المستقبلية ... وماذا كان هدف هذه الدراسات ؟
إنه ما سماه مؤسس هذا الفكر عالم السياسة الفرنسي برتراند دو جوفونيل : المستقبل المرعب(فوتوريبل).
كيف يعمل ذلك ؟ ندرس الأخصائيين ... نجعلهم يتحاورون , من خلال سلسلة من المؤتمرات , نرسم سيناريوهات للمستقبل , ومن بين السيناريوهات التي أعجبت الأمريكيين , كان هناك :سيناريو بلقنة الشرق الأوسط , وسيناريو يخصنا في أوروبا وهو صعود القوة الأوربية -الآسيوية ( أورو – آسيا ) , والذي سيسمح لنا بأخذ موقع القوة العظمى الأولى بدلاً من أمريكا , وهناك السيناريو الإسلامي المسمى "الخليفة الجديد " .
قام الأمريكيون بدراسة النتائج , ماذا يفعلون بهذه السيناريوهات , يجب أن لا ينتظروا أن يتم تحقيقها , ويجب أن يأخذوا دروساً منها , والقيام بفعل او تصرف معين .
ولكن كيف تصرفوا ؟ ببساطة يجب منع نشوء قوة أوروبية-آسيوية , ومن جهة أخرى يجب منع نشوء دولة إسلامية متطرفة . وبالتالي كان الحل هو الشرق الأوسط الكبير, أي من جهة لدينا سلسلة من الدول الميكروية , ونقوم بزعزعة استقرار المنطقة دائماً من خلال البلقنة , هذه الزعزعة تصل حتى إلى أوروبا وبطريقتين :
من جهة على السفح الجنوبي لأوروبا ( في القوقاز والبلقان ) ستظهر ثورات إسلامية وتتطور مما سيزعج روسيا وكذلك الاتحاد الأوروبي ,كما سيحصل اضطرابات في منطقة المخزون النفطي الذي يزود اوروبا , وعبر الزمن سيقحم الاتحاد الأوروبي في العدوان على البلدان العربية أي سيتم استخدام الألعوبات الأوروبية ( الأطلسيين ) في الاعتداء على من يجب أن يكونوا حلفاؤنا المفضلين . وفي الحالة الليبية كان الأمر محزناً لأننا ننسى أن معمّر القذافي كان من أكبر الميالين لأوروبا . فقد دعم الاتحاد الأوروبي , ودعم ظهوره كقوة عالمية ودعم اليورو , وفي عام 2008 أنقذت الأموال الليبية اليورو في فرنسا وبلجيكا , كل ما قلته لكم تم نشره في كتاب اسمه " التقرير السري لوكالة المخابرات الأمريكية " , وهو لم يكن سرياً إطلاقاً , ولأقول لكم أنه لم يكن مصنفاً سرياً إطلاقاً , وتم إصدار كتيب جيب باللغة الفرنسية , كتب مقدمته الصحفي الصهيوني أدلير. كل شيء كان مكتوباً , وكل ما حدث في الشرق الأوسط مكتوب من قبل المخابرات الأمريكية .
ما هي التقنية المتبعة ؟
إن الطريقة العامة تقوم على تنظيم اضطرابات في البلدان وزعزعة استقرار الأنظمة بغضّ النظر عن كون هذه البلدان معادية لأمريكا مثل ليبيا أو حليفة لها مثل مصر وتونس . ويرغب الأمريكيون رؤية قوتين تظهران في هذه البلدان , من جهة مؤسسة عسكرية حليفة لأمريكا ( وهي موجودة مسبقاً في تونس ومصر , وسيتم إحضارها في ليبيا ) وبمواجهة هذه المؤسسة يرغب الأمريكيون رؤية صعود ووصول الإسلاميين متمثلين بالإخوان المسلمين , الذين هم حلفاء تقليديين للأمريكيين (منذ 30 – 40 عاماً ) , وسيتم تقاسم السلطة بين الحركات الإٍسلامية كالإخوان , الذين سيسيطرون على المجالس النيابية , ولكي يبقوا في السلطة عليهم أن يتعاونوا مع المؤسسة العسكرية التي تسيطر على الجيش والاقتصاد .
هذه الخطة حقيرة , وكل هؤلاء المخدوعين بما يسمى الربيع العربي , وبعفوية الجماهير , وثورات الشباب , يجب ان ينظروا إلى ما حدث خلال 8 أشهر في مصر او في تونس. ففي مصر , ما زال المجلس العسكري بقيادة ماريشال ,وهو الذي جاء بديلاً عن الفريق مبارك ,أي ان الجيش هو الذي يسيطر , ومن يحضر نفسه لكسب الانتخابات هو حزب الإخوان المسلمين , بتوافق مع الجيش , وما حدث في تونس , إنه نفس الأمر , إن الجيش الذي كان خلف بن علي هو الذي يحكم في الظل , ومن سيربح الانتخابات هو النسخة التونسية من حزب الإخوان المسلمين وهو حزب النهضة . إنه نفس السيناريو الذي يحاول الأمريكيون تنفيذه في سوريا , وبواسطة الإخوان المسلمين . وبرأيي ان الهدف القادم لهم سيكون الجزائر .
سؤال 4:
في الانتخابات التشريعية الروسية في الرابع من كانون الأول , تعلن صفحات الشبكات الاجتماعية عن ثورة ملونة في نفس الوقت ... وطريقة العمل مشابهة لما يجري في الشرق الأوسط منذ نهاية العام 2010... ما هو تعليقك على ذلك ؟
لوك : سأقول أن تحليلي منذ زمن طويل كان يشير كما قلت دائماً أن أوروبا وكذلك روسيا ستكون يوماً ما أحد أهداف هذه الحركات , وقلت ذلك بشكل خاص عندما خذل ميدفيدف حليفه الليبي في الأمم المتحدة , وكذلك في شهر حزيران عندما تم الاعتراف بما يدعى بالمجلس الوطني الانتقالي .... سأقول هنا ان الأحداث الحالية تؤكد تحليلي ... إذ لا يتعلق الأمر فقط بإعلان ثورة ملونة أو الإعلان عن حركات تمرد أو عصيان خلال الانتخابات في روسيا .... إنما يتجاوز الأمر ما هو أبعد من ذلك بكثير , لأن هناك رغبة بتنظيم حصار عسكري أيضاً.
منذ عدّة أيام حضر السيناتور الأمريكي ماكين إلى ليبيا , يجب أولاً أن نعرف من هو ماكين ؟
معظم الناس في أوروبا يقدمونه على أنه سيناتور أمريكي , أو مرشح سابق للرئاسة الأمريكية , ولكن لماكين دور آخر تماماً , إنه فعلياً أحد الأشخاص الذين يتحكّمون بمجموعة المؤسسات والهيئات غير الحكومية (ONG) الأمريكية والتي تحدّثنا عنها سابقاً , والتي هي مؤسسات فعلياً حكومية , وتأخذ تمويلها من وكالة المخابرات الأمريكية مباشرةً ( علينا بمتابعة موازناتها ) ,إذاً ذهب ماكين إلى طرابلس للحصول على تقرير من مرؤوسيه , ومن هناك أطلق نداءً , هذا النداء ليس إعلان ثورة ملونة في روسيا , إنه دعوة لعصيان عسكري .
ماذا قال ماكين ؟ لقد قال ببساطة : ما حدث هنا هو نموذج أو مثال , وآمل أن يقوم الروس بما قام به الليبيون في بنغازي . إذاً نحن هنا لسنا أمام دعوة إلى ثورة ملونة وإنما أمام دعوة إلى عصيان عسكري واضح .
لماذا هذا التدهور ؟
هناك عدة أسباب ... هناك وجهة النظر الأمريكية ... وسنتحدّث أيضاً عن الأوروبيين , وبشكل خاص الفرنسيين الذين يشاركون في نفس العملية , مع وجود أجندة أخرى خاصة بهم وهدف ذاتي .
ما هو هدف الأمريكيين ؟
في الحقيقة وجد الأمريكيون أنفسهم أنهم خسروا الوقت . فأمريكا تعاني من أزمة اقتصادية عميقة , وهي الآن قوة اقتصادية من المستوى الثاني , ولم يعد لديهم القدرة على تأمين الهيمنة العسكرية , لذلك فهم مستعجلون لأن الوقت لا يلعب في صالحهم , ويرغبون بتنظيم زعزعة استقرار منطقة أوروبا وآسيا والشرق الأوسط. يعرف الأمريكيون أيضاً أن طريقتهم المتبعة في الثورات الملونة في أوروبا الشرقية معروفة جيداً من قبل الأنظمة التي يهاجمونها . إن الأنظمة العربية لا تتبع النهج الأوروبي . على سبيل المثال عندما حضرت مؤتمراً ( المؤتمر السادس MDD ) في زاوا بالقرب من طرابلس في ليبيا في 5 و 6 شباط 2011 , قمت بلفت نظر الإخوة الليبيين حول هذا الأمر , في الحقيقة , استقبل الإخوة كلامي بابتسامة مؤدبة وكأنهم يقولون ماذا يقول هذا المجنون ؟ لأنّ الليبيين لم يكونوا يملكون أي تحليل أساسي أو معرفة لما كان يجري . أما في اوروبا الشرقية , فإن الأمر مختلف تماماً . إن اول من استطاع ضرب وإيقاف الثورات الملونة هو الرئيس لوكاشينكو في ( روسيا البيضاء ) وتم هذا الأمر لعدّة مرّات في العام 2001 .
ولكن كيف فعل ذلك ؟
ما فعله ببساطة هو إحكام سيطرته على الشارع من خلال حركة شبابية وهي حركة الاتحاد الجمهوري البيلاروسي , وهي حركة ليست بعيدة عن حركة PS-PCN , وهي تنادي بتطوير حضارة أوروبية آسيوية , ضمن منظومة اشتراكية . وهكذا أوقف لوكاشينكو مدّ هذه حركة الأتبورية. كما أنه استخدم وسائل وأدوات الإعلام والدعاية المضادّة لما يقوم به الأمريكيون والأوروبيون ضدّ بيلاروسيا .
ثم تلاه في ذلك نظام بوتين في روسيا . إن فكرة الثورة الملونة في روسيا تعود إلى عدّة سنوات . فقد نظّم الأمريكيون حركة معارضة مصطنعة كلّياً , و لكن تمتلك وسائل تمويل كبيرة جداً ( سنعود على ذكرها لاحقاً ) , وقد حاولت هذه الحركة خلق اضطرابات وحالات اعتصام عديدة , ومحاولات اقتحام واحتلال مباني حكومية , فماذا كان ردّ بوتين ؟
ببساطة حاول الاقتداء بلوكاشينكو , من خلال إنشاء حركة شباب ديمقراطية مناوئة للفاشية , قادرة على احتلال الشارع . إن معرفة الأمريكيين بذلك ,و معرفة أن ثورة ملونة تتبع الأسلوب التقليدي لن تتمكن من الاستمرار , يجعلهم جاهزين لإغراق البلاد التي يهاجمونها بحرب أهلية , ومن ثم تنظيم انقلاب أو عصيان عسكري .
سؤال 5: إذا نظرنا إلى المعارضة الروسية نجد أنها تجمع مركبات مختلفة غير متجانسة تجمع ليبراليين مثل كاسباروف و لوسيانوف , وتروتسكيين وفاشيين جدد مثل ليمانوف ... كيف تفسرون ذلك , ما الذي يجمعهم هل هو التمويل الغربي ؟
لوك : هناك بين هؤلاء ثلاث روابط قوية , الرابط الأول هو الشعور بالحقد على بوتين , لأن هؤلاء هم من الفاشلين والساقطين سياسياً , فهم يعرفون أن الروس لن يسيروا خلفهم , يجب أن نعرف أن السياسة الوطنية التي يقودها بوتين , والتي تدعمها بعض التيارات المعارضة الوطنية الحقيقية , مثل رفاقنا في الحزب الشيوعي الروسي ( زوغانوف ) , فزوغانوف لا يتفق اقتصادياً مع بوتين , ولكنه متفق معه على المحاور الكبرى للإصلاح الوطني .
الرابط الثاني الذي يجمعهم هو الرغبة بالقوة والسيطرة . أي أن هؤلاء الفاشلين سياسياً يريدون السيطرة على روسيا .
أما الرابط الثالث فيما بينهم فهو واضح جداً ،إنه المال . وسأكون أميناً وشفّافاً هنا , ففي حالة كاسباروف و كاسبانوف يمثل التمويل حالة شخصية ( مطلب شخصي ) أمّا في حالة ليمانوف فالأمر مختلف , فهو يعيش ببساطة ولا يريد التمويل لنفسه وإنما لتمويل حركته ومشاريعه الثقافية .
إذاً هذا التحالف غير المتجانس ( المسمّى روسيا الأخرى ) يضمّ ليبراليين مثل كاسباروف و لوسيانوف الذي كان وزيراً سابقاً في عهد يلسين , والذين يحلمون بروسيا عظيمة مثل أمريكا العظيمة , متكاملة مع النظام الغربي .
العنصر الثاني هو مجموعة من العناصر اليسارية المتطرّفة والهامشية وهم أتباع تروتسكي ( التروتسكيون الروس هم أقلّية صغيرة جداً ) .
والعنصر الثالث هم بالفعل عناصر حركة ليمانوف , والذي يجب ان نقول عنه شيئاً , فقد سمّى حركته بالحركة الوطنية البلشفية , والتي تمّ إنشاء النموذج الحديث منها في الثمانينات .
في ذلك الوقت كان ليمانوف معارضاً مناوئاً للسوفيت , وعاش طويلاً في الولايات المتحدة وعمل في الدعارة ( يجب أن تقرأ رواياته لتعرف ذلك ) .
إن حركة ليمانوف ليست لا حركة وطنية ولا بلشفية , يجب أن نكون واضحين إنها حركة من نمط فاشي واضح , ولا تقوم على أساس اجتماعي , ولكنها تضم فرقاً من الهامشيين الشباب . هذه الحركة ليست إذاً حركة سياسية , وإنما حركة شبابية تقوم على العنف من أجل العنف , والذي كان يميز حركة الفاشية في عهد موسوليني .
كيف يطور ليمانوف كل ذلك ؟ إنه يطوره من خلال سياسة مواجهة ومجابهة دائمة مع السلطة , فهو يتبنى على مرّ الأيام مئات ومئات الشباب من الذين ضحّوا بحياتهم , وفصلوا من الجامعات , ولديهم أحكام قضائية بالسجن ،وكل ذلك ليحقق نزوة أدبية شخصية .
يجب أن تعرف أننا تدخلنا (كحزب) في عدّة مناسبات لمساعدة إحدى الفتيات الشابات الحزبيات في الحركة الوطنية البلشفية وهي آنا ليبيديفا وهي شابة ليتوانية ( من ريغا ) , وقد دفعها ليمانوف للقيام بعمل غير لائق خلال زيارة الأمير تشارلز إلى ليتوانيا في عام 1998 , حيث صفعته بوردة حمراء على وجهه , وبما أن الأجهزة الحاكمة في ليتوانيا شبه فاشية , فإنها كانت ستواجه حكماً بالسجن لمدة 5 سنوات .
ولم يقم ليمانوف بأي فعل لمساعدة آنا , لأن هدفه كان هو تقديم ضحايا بهدف تامين الدعاية لحركته , وهذا الأمر يناسبه وهو أمر مقرف لأنه من الصعب تخيّل كيف يمكن ان نلعب بحياة الشباب . لذلك قام PCN بحملة واسعة على الإنترنت لمساعدتها ... وأخيراً نفذت حكماً بالسجن لمدة شهر واحد .
إذاً لنعود إلى تحالف " روسيا الأخرى " الذي يمثل الأداة الأساسية في زعزعة روسيا . إنهم أناس جاهزون لتدمير بلدهم وتقديمه للأمريكيين , ببساطة بهدف تحقيق الانقلاب على النظام .
ليس لدى هؤلاء أية إيديولوجيا . وفي حالة ليمانوف اشرحوا لي كيف يمكن لحركة كانت تناضل من أجل حالة أوروبا – آسيا ومن أجل روسيا العظمى , وكانت من أجل العهد الستاليني الكبير , اشرح لي كيف تكون جزءاً من تحالف تموّله المخابرات المركزية الأمريكية مباشرةً , وهدفها النهائي هو تفتيت روسيا . يجب أن تعرف هنا ان المشروع الأمريكي ليس ضم روسيا إلى الغرب , إنه المشروع الذي تبناه النازيون في عام 1940 , والذي يقسم روسيا إلى ثلاث دول (دولة موسكو , دولة سيبرية , ودولة قوقازية ) .
أي أن روسيا لا تعود قوة محلية , وإنما ستكون لا شيء . هؤلاء هم الناس الذين تستخدمهم أمريكا لزعزعة روسيا , هؤلاء هم الناس الذين سيحركونهم خلال بضعة أسابيع ( شهر كانون الأول ) في روسيا . ونأمل من رفاقنا في حركة ( ناتشي ) أن يقوموا بواجبهم الوطني بكل حسم .
سؤال 6: ينشط PCN في عدة بلدان أوربية(شرقية أو غربية)وكذلك في إفريقيا، وعلى صعيدك الشخصي كنتَ قد قاومت بشكل خاص الثورات الملونة، ودعمت ميلوزوفيتش،وكذلك بيلاروسيا وبلدان أخرى كان آخرها ساحل العاج.عمليا يشبه الحزب حركة ضد أتبور التي تمثل الذراع المسلح للثورات الملونة، هل يبدو هذا التحليل المقدم من عدة محللين سياسيين صحيحاً؟
لوك:يبدو هذا التحليل كاركاتورياً لكنه يقارب الحقيقة. أعتقد أنه يجب إعطاء بعض التفاصيل الدقيقة لمن يستمع إلينا.يتم حالياً دراسة حالة حزب PCN كثيراً،وقد قام أحد خصومنا مؤخراً -وهو سياسي ملتزم وباحث في إحدى جامعات جنوب فرنسا- بشرح أن الحزب (PCN) هو حزب عالمي بحد ذاته ،وهو محق في هذا.إن طريقة عملنا وطريقة تنظيمنا ،وطريقة نضال رفاقنا والتي قد تأخذهم بعيداً عن بلدانهم الأصلية ،أو نشاطهم في عدة بلدان في نفس الفترة ،كل ذلك يذكرنا بما كان عليه الحزب الشيوعي في الثلاثينات. إن المقارنة مع أتبور تعود لباحثٍ في جامعة كراكوفي في بولونيا وإسمه كورديل سافينسكي. وهو باحث جدي وأمين ويعمل على تحضير أطروحة دكتوراة حول ال PCN وحول أفكارنا. وقد لاحظ في أبحاثه ودُهِشَ بحقيقة أننا لا نتواجد فقط في بلدان كثيرة تنشط فيها أتبور، ولكننا نلعب أيضاً دوراً مشابهاً ،طبعا لا يرقى هذا الأمر إلى السوية التي ننشدها لأننا غير ممولين من CIA،أو من أي بلد آخر ،لأن ذلك لا يهمنا ،فنحن لا نمارس السياسة من أجل المال.لذلك نقوم بمهامنا وفق إمكانياتنا المتوفرة والمتاحة .نحن منظمة ناشطة تقوم بتأهيل الناس ،كما أننا نتواجد (على غرار أتبور) على شبكات التواصل الاجتماعي. وهنا أريد أن أقول أنه على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي ،والتي لا تتطلب الكثير من الأدوات والوسائل ،فإننا لا نقل شأناً على الإطلاق عن أتبور، ونلعب دورنا بنفس مستواها.تعرفون أننا تدخلنا في أوربا وأفريقيا لدعم الجماهيرية الليبية التي يتم الاعتداء عليها،وقد قمنا بذلك من خلال لجان العمل الأوربية الليبية ELAC. وكذلك من خلال الجمعية التوأم التي أنشأناها بناء على طلب الليبيين إثر مؤتمر الدعم الذي عقد في نهاية نيسان وكان اسمها لجان العمل الأفريقية الليبية ALAC. لقد طورنا عملاً فعالاً على شبكات التواصل الاجتماعي ،علماً أن هذه الشبكات تعد أهم ميادين العمل الناشط لحركة أتبور،حيث يتم تنسيق عمل هذه المنظمة عليها ،وغالباً ما يتم إطلاق أوامر انطلاق الثورات الملونة من خلال الأنترنت.ففي ليبيا وتونس ومصر وغيرها ..بدأت الثورات بتنسيق وأوامر حركة من خلال هذه الشبكات على الأنترنت. وكما ذكرت سابقاً ،هنا نحن لا نقل عنهم مستواً ،وهذا ليس كلامنا نحن ،وإنما كلام خصومنا.وخلال شهر تموز تم إطلاق حملة ضدي شخصياً عبر البريد الالكتروني ،حيث قام بها أشخاص قريبون من شبكات التواصل الاجتماعي ،وكانوا يقولون أن الصفحات التي تدعم الأنظمة الديكتاتورية في أوربا،وخاصة في الفضاء المتحدث باللغة الفرنسية (الفرانكوفوني) الذي يشمل فرنسا وبلجيكا وكندا، تضم أعداداً أكبر من تلك الموجودة على الصفحات المناهضة لتلك الأنظمة.لذلك فإن المقارنة مع أتبور (رغم جرأتها) ليست خاطئة،وهي تتوافق أيضاً مع برنامجنا .اي أن السياسة بالنسبة لنا هي أمر واقعي ،ونحن نساهم في المعارك السياسية بشكل فعال ،ونلعب دوراً فعلياً على خلاف بقية الأحزاب الصغيرة المنتشرة والمماثلة لنا في العدد.هذا ما يميزنا ،وهذا ما يساهم في زيادة أعداد المنتسبين إلى حزبنا.............
سؤال 7 : كحركة ضد أتبورية , تمثل حركة ناتشي رداً على التدخل الغربي ،كيف تنظر إلى ناتشي , وتطورها وحضورها الحالي ؟
لوك : سأقول أولاً بعض الكلمات . ناتشي هي حركة شبابية كبيرة تدعم بوتين كما قلنا سابقاً . تقوم هذه الحركة على فكرة الشبيبة الشيوعية السابقة , فقد اعتمدوا اللون الأحمر كشعار لهم , وحركة ناتشي تعمل وتتقدم بشكل جيد جداً , وهم يتلقون الدعم من الدولة الروسية على خلاف حزب PCN .
يرأس هذه الحركة فاسيلي يوكامنكو , وهو وزير الدولة للشباب منذ عدة سنوات , وكنا قد قابلناه عام 2007 .
إن ناتشي هي ما يمكن أن يكون عليه PCN إذاً كان لديه الدعم المالي الموازي لطموحاته .
إنها حركة كبيرة , وقامت بعمل كبير , وحافظت على شعور قومي كبير للشباب الروسي . وقد شاركنا خلال عام 2007 بمعسكر كبير لحركة ناتشي , وهو معسكر كبير للشباب يضم بين 10000 و 20000 شاب قدموا من كامل الفضاء السوفيتي السابق , وهم يأتون لممارسة الرياضة , وحضور محاضرات. ويحصل المتميزون في المعسكر على شرف لقاء بوتين نفسه , وقد كان لنا شرف المشاركة في عام 2007 كمدربين , إذ قدّمنا عدّة محاضرات حول الجيوسياسة ،وتحدّثنا عن أوروبا الكبرى . لقد رأينا في المعسكر شباباً نقياً جداً , ورأينا أناساً في غاية الأهمية , مختلفة تماماً عن شباب الغرب الفاشل الغارق في الكحول والمخدرات .
وعلى ذكر الكحول يجب أن أذكر أن المعسكر لم يسمح بإدخال قطرة فودكا , وهذا أمر مثير في بلد كروسيا حيث يشكل الكحول مشكلة كبيرة. إذاً أعتبر حركة ناتشي كحركة توأم لنا .
والأمر لا يتوقف عند هذا الحد , ففي أوروبا نشهد أيضاً ظهور حركات مشابهة , مثل حركة PRORIV ( أي حركة "اختراق" أو Breakthrough في اللغة الإنكليزية ) .وهي حركة مشابهة لناتشي , ولكنها أكثر عمقاً في الإيديولوجية وأكثر تسيساً , وشعارهم هو تشي غيفارا . ولديهم مدرسة معاكسة فعلياً لكانفاس , وقد تم إنشاء هذه الحركة في مالديفيا لمقاومة أتبور .
هناك حركات أخرى أيضاً مثل الاتحاد الجمهوري في بيلاروسيا ( لوكا شينكو ) , وفي أمكنة أخرى خارج أوروبا الشرقية , مثل حركة شباب PCN في فرنسا , وهو الفرع الوحيد في الفضاء الفرانكفوني وسيتم إضافة فرع جديد في تركيا , وفروع في أوروبا الوسطى والبلقان , ومكتب تنسيق في روسيا .
كان لنا أعمال حقيقية في تأطير شباب ناتشي في ستراسبورغ و بروكسيل حول مواضيع الفاشية وحقوق الأقليات الروس في استونيا والبلطيق , كما قمنا بحملات مع ناتشي في بلدان البلطيق. يجب أن أقول هنا أننا سبقناهم بحوالي عشرة سنوات , لأننا كنا من أطلق أول حملة أوروبية كبيرة للدفاع عن حقوق الأقليات الروسية في بلدان البلطيق (ونقصد الحقوق المدنية كمواطنين من الدرجة الثانية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ).
ترجمة الدكتور نادر كوسا نقلا عن الفيديو.