سناريوهات نهاية اللعبة: معركة الحرية الشخصية

يبدو لي أن العالم يعيش معركة للحرية الشخصية. تقوم حكومات العالم حاليا باعتداء جماعي على حريات البشر في كل مكان في العالم. وإذا نجحت الحكومات في إخضاع الناس لقوانين الشهادات الصحية، سيصبح بإمكان الحكومات إجبار البشر على حقن نفسهم على حسابهم الشخصي بمواد مجهولة يطورها أشخاص مجهولون. بالنسبة للحكومات، لا أحد يهتم بما يتم حقن البشر به، ما يهتمون به هو ازدياد سيطرتهم على البشر، وفرض ضرائب إضافية على الناس على شكل أجور الحقن وثمن شهادات الحقن، وتصوير من يرفض الحقن كعدو داخلي وتوجيه عداوة الخاضعين للحكومة ضد من يرفضون الخضوع للحكومة.

بالنسبة للناس، بعضهم يعرفون أنهم يتعرضون للحقن لمجرد الخضوع لأوامر الحكومة، وبعضهم يعتقدون أن الحقن يفيدهم، وبعضهم يدركون أن الحقن ليس مهما، المهم هو الخضوع لأوامر الحكومة، وبعضهم لا يفكرون أبدا، ويفعلون ما يطلب منهم بخضوع مطلق.

في العامين الماضيين خضع مليارات البشر لقوانين تمنعهم من تنفس الهواء النقي، ثم خضعوا لإغراءات بتلقي حقن مجهولة يمنع عليهم تحليلها ومعرفة محتواها، ويتم الآن تحويل إغراء الحقن إلى إلزام بالحقن. وطالما استمر البشر بالخضوع ستستمر الحكومات بإلزام مواطنيها بالمزيد.

بالمقابل، يدرك المزيد أن بعض حرياتهم الشخصية أصبحت مهددة بالفناء، بعض البشر الذين قبلوا سابقا أن تفرض عليهم الحكومة الحصول على رخصة سوق وعلى رخصة ممارسة مهنة وعلى شهادة لا حكم عليه أصبحوا يدركون أنه ليس من حق الحكومة أن تفرض عليهم الحقن والحصول على رخصة تلقي الحقنة، وبدأ بعضهم يتساءلون عن حق الحكومة في فرض الرخص الأخرى التي تفرضها.

بعض دول العالم تشهد المعركة في شوارع مدنها بين الحكومات ومنفذيها من جهة، ومن يرفضون إجراءات الحكومات من جهة أخرى. شعار الحكومات في هذه المعركة هو حماية الناس من التهديدات، وشعار من يرفضون الخضوع هو الحرية. المظاهرات الهائلة التي تشهدها بريطانيا والنمسا واستراليا وبلجيكا وبعض مدن أمريكا تطالب بالحرية. هذا ما يظهر علنا رغم أن الإعلام يحاول طمسه، ولكن المعركة الحقيقية تحصل في عقول البشر، وهي عمليا معركة حول الحرية الشخصية، وتبدأ برفض الخضوع.

لكل أسبابه ومبرراته، من يفرضون الخضوع يستطيعون تبرير سلوكهم لأنفسهم، ومن يقبلون الخضوع يستطيعون تبرير سلوكهم لأنفسهم، ومن يرفضون الخضوع يستطيعون تبرير سلوكهم لأنفسهم. هي معركة فكرية ونفسية تتجسد في الواقع، ولن تحسم إلا في الواقع.

شهد العالم معارك مشابهة سابقا، وفي جميع الحالات نجح من يريدون الخضوع في فرض الخضوع بشكل مؤقت على أعداد كبيرة من البشر، ولكن من يرفضون الخضوع قاوموا بشراسة ودفعوا تضحيات كثيرة واستطاعوا رسم حدود وهمية للحفاظ على بعض حرياتهم. وفي بعض الأحيان استطاعو التحرر وتشكيل دول جديدة. وهذه المعركة استمرار لما حصل سابقا، ولا يمكن توقع نهايتها، ولكن يمكن تخيل سيناريوهات قد تكون ممكنة.

من الممكن أن تنتصر الحكومات في بعض الأماكن، وفي هذه الحالة سنشهد محاكم بحق قادة المقاومة، ومذابح جماعية بحق من رفضوا الخضوع، وستبدأ بإقصائهم من المجتمع عبر رفض تقديم الخدمات لهم. سيصبح من الصعب عليهم أكثر فأكثر أن يحصلوا على العمل ثم على الخدمات ثم على الطعام، ولاحقا سيتم عزلهم في معسكرات اعتقال كما حصل للهنود الحمر، ولسكان أستراليا الأصليين، وللشعوب التي اجتاحتها النازية والشيوعية. وعندما تخمد المقاومة تماما سيتم تطهير المجتمعات من كل آثار الحرية، تماما كما حصل في المجتمعات التي حكمتها النازية والشيوعية وأشباههما في السابق، ولعل أقربه إلينا حملة التطهير التي قادها صدام بعد استقرار سيطرته على الحكم، وحملة اجتثاث البعث في العراق.

من الممكن أن تنتصر المقاومة في بعض الأماكن، وفي هذه الحالة قد نشهد تراجع سيطرة الحكومات، وربما محاكمات على الجرائم التي تم تنفيذها خلال الأزمة، وربما نشهد دساتير جديدة لمحاولة لجم سلطات الحكومات.

ومن الممكن أن تستمر المعركة طويلا بدون حسم، وتتحول إلى حرب استنزاف، وأتوقع أن يحصل هذا في الدول التي تشهد الحكومات فيها انقساما داخليا.

يتعلق تطور المعركة بعدد الناس الذين يقولون لا. علمتنا تجارب عديدة في التاريخ أن مجرد رفض الخضوع، وقول لا بشكل شخصي، يفتح لكل شخص آفاقا لم يكن يدركها قبل أن يأخذ هذا الموقف. بدأت حركة غاندي برفض الخضوع، وبدأت حركة الحقوق المدنية في أمريكا برفض الخضوع، وبدأت الدول الوطنية في منطقتنا برفض الخضوع للانتداب. وبدأت المقاومة اللبنانية برفض الخضوع للاحتلال الاسرائيلي.

تطور هذه المعركة يتعلق بعدد الناس الذين يقولون لا، وبعدد الناس الذين يقولون نعم. أنا اخترت موقفي، وأنا مع المقاومة ومع الحرية، فماذا عنك أنت؟

الأيهم صالح

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

دعوة للمشاركة

موقع الأيهم صالح يرحب بالمشاركات والتعليقات ويدعو القراء الراغبين بالمشاركة إلى فتح حساب في الموقع أو تسجيل الدخول إلى حسابهم. المزيد من المعلومات متاح في صفحة المجتمع.